2006 إيلاف ـ الاثنين 3/4/2006 على أثر الاحداث الدامية التي شهدتها مناطق الشمال الکورستاني و تلک المواجهات العنيفة مع قوات الامن الترکية والتي أسفرت عن إستشهاد سبعة من المواطنين الکورد العزل و جرح أکثر من250 و إعتقال أعداد غير معروفة أخرى منهم، طلب السيد عبدالله غول وزير الخارجية الترکي من نظيره الدانمارکي أن تعمل الحکومة الدانمارکية مابوسعها في سبيل منع بث برامج فضائية"Roj.tv"الکوردية. السيد غول طرح طلبه السارد الذکر خلال مکالمة هاتفية مع السيد"ستيک مولر" وزير الخارجية الدانمارکي، وقد برر الوزير الترکي طلبه الى مساندة تلک الفضائية لحزب العمال الکوردستاني وإنها کانت وراء تأجيج الشارع الکوردي في دياربکر على وجه الخصوص، وخلاصة الامر فاتح السيد غول نظيره الدانمارکي أن تحذو الدانمارک حذو کل من بريطانيا و فرنسا في منع برامج فضائية"Roj.tv". لکن السيد عبدالله غول، لم يبين للوزير الدانمارکي مکمن الداء و جوهر القضية في الاحداث الدامية التي تتکرر بين الفينة و الاخرى في الشمال الکوردستاني، ولم يتطرق للحملات"البربرية"للجيش الترکي حين يحرق في هجماته العشوائية على المناطق الکوردية بدعوى محاربة مقاتلي حزب العمال الکوردستاني الاخضر و اليابس معا، کما إنه لم يتجشم عناء توضيح سبب التوتر الدائم في المناطق الکوردية من ترکيا، وإنما طلب منع تلک الفضائية و بس! فضائية"Roj.tv"أثبتت من بين کل الفضائيات الکوردستانية جدارتها و حرفيتها العالية في طرح و متابعة الاحداث المختلفة بشکل عام، والکوردية منها على وجه الخصوص، وهي إمتداد عملي لأول فضائية کورستانية"Med.tv" بثت برامجها بلغات مختلفة الى جانب اللغة الکوردية وقد إستطاعت أن تجذب إنتباه الکورد في مختلف مناطق کوردستان المجزأة إليها وأن ترفع من وعيهم وعيهم القومي و الثقافي، وقد خاضت الحکومة الترکية حربا سرية و علنية شعواء ضد هذه الفضائية حتى إستطاعت أخيرا إسکات"Med.tv"، لبرهة قصيرة لکن ماإن أطلت فضائية"Roj.tv"، حتى وعاد الصداع الترکي مجددا ووصل الامر الى درجة أن السيد رجب طيب أردوغان عند زيارته إحدى البلدان الاوربية أن يطالب بطرد مراسلة هذه الفضائية! المشکلة المزمنة للحکومات الترکية المتعاقبة على الحکم، إنها تحاول دوما تبرير أفعالها و ممارساتها العدوانية ضد الشعب الکوردستاني وتحاول جهد إمکانها تعليق کل إنتهاکاتها الصارخة لأبسط مبادئ حقوق الانسان في الشمال الکوردستاني على شماعتها المفضلة"PKK"، وإذا ماکانت قد إستطاعت ولأسباب سياسية ـ أمنية متداخلة من جر الامريکيين و الاسرائيليين الى سوح مواجهاتها غير المتکافئة مع شعب أعزل، فإن هاتان الدولتان"ودول أخرى عديدة" قد إنتبهتا أخيرا الى التداعيات السلبية للجري خلف الرغبات الترکية التي لانهاية لها ضد الکورد، ومن هنا کان الجفاء الامريکي ـ الترکي الذي بانت الکثير من ملامحه للمراقبين السياسيين في المنطقة و العالم، وحتى إن الدولة العبرية طفقت هي الاخرى تسعى جهد إمکانها للإبتعاد عن الشأن الکوردي وفق المنظور و التعامل الترکيين. وقد يکون السعي الترکي الحثيث للإلتفاف على القضية الکوردية في الشمال الکوردستاني، بمثابة سباحة غير مجدية ضد التيار، سيما وأن نهايات الالفية السابقة وبدايات الالفية الثالثة قد شهدت عصرا جديدا للعديد من الشعوب و القوميات و الاقليات العرقية و الدينية التي کانت تعاني من القمع و الاستبداد، بل وحتى إن منظمة"إيتا"بادرت هي الاخرى الى وقف عملياتها بعد أن رأت أن هناک أکثر من بصيص أمل في سعيها لإستحصال حقوقها المشروعة من الحکومة الاسبانية، وفي مثل هذه الاجواء، يطل رئيس الدبلوماسية الترکية برأسه وهو يحاول إقناع العالم بأن مايجري في الشمال الکوردستاني الخاضع للقمع الترکي، يرجع الى قناة فضائية، وليس الى تلک الحرب العسکرية ـ السياسية المبرمجة ضد الشعب الکوردي أو الى حالة الطوارئ أو الى تلک المشاريع الاقتصادية"مثل مشروع غاب" التي هي في واقع أمرها برامج سياسية عرقية لتغيير الواقع الديموغرافي للعديد من المناطق الکوردستانية. صحيح أن للإعلام دور بارز في تحريک الجماهير و حثها للمطالبة بحقوقها المشروعة أو حتى لمآرب أخرى ذات دوافع سياسية محددة، لکن دور هذا الاعلام سوف يکون باهتا و يضمحل لو لم تکن هناک من أرضية مناسبة لإستقباله، المشکلة أن القضية الکوردية في ترکيا أقدم و أعرق جذورا من هذه الفضائية التي باتت تؤرق حکومة أنقرة و جنرالاتها وهذا أمر معروف للعالم برمته لکن ترکيا ماتزال تصر على تعامل مع القضية الکوردية جوهره تجاهل يغلب عليه طابع السذاجة. ترکيا العدالة و التنمية، التي تحاول إيهام العالم الغربي على وجه الخصوص بتمسکها بالخيار الديمقراطي و تسعى وبشتى الطرق و الوسائل للتملص من الحل الحقيقي للقضية الکوردية، تحاول اليوم من خلال طلب وزير خارجيتها من الحکومة الدانمارکية إقفال فضائية"Roj.tv"، أن تحرف حقيقة الذي جرى و يجري في الشمال الکوردستاني، ذلک إن الذي يجري هو إنتفاضة شعب مکافح من أجل نيل حقوقه المشروعة وإن حکومة تتخوف من برامج فضائية تبث برامجها من أوربا وترجع أسباب تخبطاتها السياسية و الامنية إليها، لجديرة بأن تسمى حکومة من ورق! لکن الإجابة الرسمية اللبقة والمشبعة بروح التهکم للسيد وزير خارجية الدانمارک على تساؤل و طلب السيد غول، کانت هي الاخرى صفعة قوية أخرى للسياسة الترکية، إذ قال وبحذاقة وکياسة الدبلوماسية الاوربية المتمرسة في رفضها الضمني الواضح للطلب: إن بلاده غير مسؤولة عن أحداث العنف في داخل ترکيا.