2006 الأنباء الواردة من شمال كوردستان تشير إلى إندلاع مواجهات بين الكورد والقوات التركية، وإلى حوادث قتل وقمع وإعتقالات جارية في صفوف المنتفضين من النساء والشيوخ والولدان في أنحاء المدن الكوردية وخارجها، ومن بينهم قتل وإهدار دم ثلاثة أطفال كورد لم يتجاوز أحدهم النوروز الثالث من عمره، وقد تزامنت هذه الإنتهاكات مع أوامر صدرت من رئيس وزراء تركيا المنشورة في موقع كسكوسور : " لا تميزوا بين طفل او إمرأة كوردية أو شيخ ، أقتلوا الجميع.. ماذا يفعل الاطفال في التظاهرات، مكانهم الحقيقي منازلهم وليس الشوارع والتظاهر ؟" !..كل هذا يجري في وقت لم ينته الكورد بعد من إحتفالاتهم ومراسيمهم النوروزية، والأتراك يتهمون بوجود أصابع اجنبية في القضية، وتحريض من هذه القناة أو تلكم الإذاعة!إن تركيا كعادتها التي دأبت عليها وليس باستطاعتها أن تبرحها، تقدم في كل مرة بانحاء اللائمة على أطراف تدعي أنها وراء إفتعال الأزمات والمشاحنات، وكأن ليس هناك مشكلة تعقدت وتأزمت بفعل التوجهات العنصرية المنتنة التي تكاد تكون صفة لازمة ولازبة لها بل تأسس ومرد عليها بنيانها ، بقراءة التاريخ والممارسات وبشهادة جميع منظمات حقوق الإنسان الداخلية والخارجية، وكذلك الدول التي تطمح تركيا أن تدخل في حظيرتها.لقد طلع علينا السيد رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا قبل أشهر باعترافات للمثقفين الكورد بدأ بها سلفه الأسبق السيد تورغوت أوزال الذي جرعوه السم من بعد، بوجود معضلة كوردية في تركيا، وإستبشر الناسُ هناك وبحذر خيرا، ووعد الكورد باتخاذ الخطوات للسير نحو الحل.. ولكن طوال الفترة اللاحقة لإعترافاته، لم ير الكورد منه ومن طاقم عمله أي إقدام على تنفيذ شئ من تلكم الوعود.. بل العكس تماما، حيث إنحصر هم حكومته الوحيد طوال الفترة الماضية في التركيز على كم أفواه قناة روز ـ تيفي ليس إلا، وذلك بمحاولة الضغط على الحكومة الدانماركية لإغلاقها، مدعية أنها وراء تلكم الأزمات الحاصلة والإثارات القاصمة في تركيا، وكأن القضية وطوال ثمانية عقود من الإضطهاد والقتل والتشريد والجفوة والفظاظة والغلظة في التعامل وقطع اللسان ومنع الثقافة والدراسة الكوردية دستورا وقانونا منحصرة في تدخل هذا الطرف أو ذاك، وإلا فالعدالة آخذة بمجراها في الأمور كلها صغيرها وكبيرها وأن تركيا جنات تجري ألأنهار من تحتها ! بقدر إنشغال تركيا وتربصها بالكورد الدوائر في الفترة الماضية بإثارة أطراف عميلة لها في جنوب كوردستان لخلق الفوضى بين شرائح المجتمع الكوردستاني من خلال إدعاءات أظهرت الإنتخابات زيفها، ومحاولاتها الدائبة تأجيل العمل بالمادة الواردة بخصوص مستقبل كركوك والتي تأكد إنتماءها لكوردستان بالرغم من عدم لم شمل أقضيتها ونواحيها وتوابعها السابقة، لم تنشغل تركيا بمشاكلها الداخلية مع كوردها والتي طال عليها الأمد ويكاد يمر عليها حوالي قرن من دون بحث جدي ولو بشكل خجول للخروج من مأزقها.. في حين أبدى الكورد بعَجَلِهمْ وبَجَلِهمْ، بقياداتهم وقواعدهم الإستعداد للتباحث لإيجاد حلول تفيد الكل بعيدا عن أنين ألأمهات ولعلعة الرصاص، وفي عالم لا يجد في غير الجلوس على مائدة المفاوضات بديلا لإقرار السلام بين الناس، حتى بين أعدى الأعداء، فكيف بين أبناء واطراف وأطياف تدعي تركيا أنهم من نسيج واحد وإنهم أقارب لا عقارب.إن ما حدث في آمد " دياربكر" و ميردين وباتمان ومدن كوردستانية أخرى وفي خارجها من هبات ورجفات والتي راح ضحيتها عدد من الكورد من بينهم طفل لم يتجاوز عمره ثلاث نوروزات وهو يلعب، ليس إلا حلقة من حلقات الجزاء من جنس العمل ورد من ردود الأفعال الناجمة عن التملص التركي في إتخاذ الوجهة الصحيحة لحل سلمي ديمقراطي عصري عاجل وإنطلاقا من وعود السيد أردوغان التي قطعها للشروع بحل القضية، والذي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الإعتراف أولا ـ وهو الأهم والمفتاح الذكي ـ بأن هناك أطرافا كوردستانية لا يمكن إجتزاءها وقوى كوردية ليست هملا موجودة في داخل ساحة الصراع وخارجها يؤيدها الكورد ويثقون فيها.. وإلا فالأمر يظل يدور ويدور في حلقة مفرغة مفعمة بالسخرية والتهكم وإلإتهام الجاهز سلفا مع سقوط الكبار والصغار قتلى وجرحى، يسلمه هذا الجيل للجيل القادم وبشكل أكثر تعقيدا ونزيفا، كما إستلمه السيد أردوغان من أسلافه وهلم جرا.. و يومئذ على السلام ـ وكذلك على دماء اطفال الكورد ـ السلام إلى يوم القيام !