احياء مراسيم التعازي في منطقة عفرين تحول الى قمع سلطوية واحتجاجات شعبية-نوروز مص


اليوم هو الثامن عشر من أيار، وكما تعلمون ان جماهير حزب العمال الكردستاني تستذكر هذا اليوم بكل خشوع واجلال، واتخذته يوما لعيد الشهداء الذين اصبحوا قرابين في معابد الحرية ألا وهي ذرى الجبال.




فشهادة الرفيق حقي قرار في مثل هذا اليوم قبل تسع وعشرون عاما، وضعت حركة التحرر الوطنية امام خيار المقاومة والالتزام بها ومتابعة المسير مهما كانت مشقاتها.

ولقد اصبح هذا العهد كعرف مقدس توارثه وتناقله ابناء هذا الوطن، وكل مناضلٍ يسلم راية الحرية لرفيق دربه بعد حيازته على درجة الشهادة.

واحتفاءا بيوم عيد الشهداء هذا في غرب كردستان، تم الاعلان عن اسماء واحد واربعين شهيدا من ابناء منطقة عفرين، عن طريق الوسائل الاعلامية بتصريح من المكتب الاعلامي لقوات حماية الشعب وتلقى الشعب النبأ وهم مفعمين بمشاعر وعواطف مشحونة بالتناقضات الصارخة.

فتارة يشعرون بالفرح والامل، فرحاً بالبطولات والملاحم الاسطورية التي سطرها شهداؤنا بدمائهم الزكية، واملاً انه لا خلاص لأمة ان لم تطهر نفسها بدماء طاهرة.

وتارة اخرى يمتلكهم الحزن والاسى عندما يشاهدون هول الحروب وفظاعتها، وكم جلبت وتجلب لهم الويلات والاسى وكم اخذت من ارواح ابنائهم الغوالي.

وبتلك الامال والحماسة والهيجان توجه أبناء شعبنا من كافة المدن والمناطق الكردستانية والمدن السورية الى مركز مدينة عفرين لاقامة مراسيم التعازي.

الا انه لم يتم احياء المراسيم حسب المخطط الموضوع من قبل الشعب، الذي خرج لاحياء المراسيم التي اصبحت عادة من عاداته المقدسة، فالقوات الامن السورية سعت الى اعاقتها وذلك عن طريق حشد قوات كبيرة من الجيش النظامي والقوات الجوية وقوى الامن العسكري والسياسي وامن الدولة، وقامت بمحاصرة مدينة عفرين عن طريق سد جميع الطرق المؤدية اليها. حيث وضع حواجز عسكرية مكثفة على طريق حلب- عفرين قرب قرية حريتان، وطريق اعزاز- عفرين وطريق كفرجنة بالاضافة الى جميع الطرق الرابطة بين عفرين ونواحيها.

الى جانب انها قامت باقتحام خيم العزاء وتطويقها لمنع المراسيم، وعملت على استدعاء واستجواب عوائل الشهداء وذويهم، وتهديد الشعب وترهيبهم عندما اقدمت على نيل الهويات الشخصية من المواطنين وسائقي السيارات والتي مازالت مستحوذة عليها حتى الان.

الا ان الملاحظ والملفت للانتباه في حادثة هذا اليوم، ان القوى الامنية وبجميع جهاتها لم ترغب في الاعاقة فقط، بل وصل الحال الى تطبيق سياسية قمعية مجحفة بحق شعبنا الكردي الاعزل، وهذا الامر ليس بجديد ولاظهر بمحض الصدفة، وانما ناتج عن خطة مدروسة مسبقا ويتم تطبيقها الان.

فالدولة السورية متورطة ايضا في الاتفاقية الثلاثية المشتركة بين ايران وتركيا وسوريا التي تستهدف الى القضاء على الحركة التحررية عسكريا بتسعير الحملات التمشيطية، وسياسيا بتكثيف الحملات الاعتقالية.

ولكن لم تدرك انها ستبوء بالفشل، فابناء الشعب كان عازما على اقامة المراسيم وباي اسلوب كان فليكن، فالجماهير المتوجهة من مدينة حلب والمدن الاخرى احتشدوا على طريق حلب- عفرين وقاموا بقطع طريق سير السيارات لمدة (ساعة ونصف) احتجاجا على ممارسات الدولة.

وكذلك الامر بالنسبة الى ابناء شعبنا المتوجهين من قرى ونواحي مدينة عفرين وبدؤوا بالهتافات واصواتهم تجلجل في الاعالي منادين بالخلود للشهداء وبحرية القائد "آبو" والشعارات الممجدة للحرية والعدالة والمساواة. وعاهدوا على احياء الشهداء روحا وقلبا وعقلا. وكم كانت غنية تلك اللوحة التي رسمها ابناء غرب كردستان اليوم، فسلطاتٌ تضطهِد وتقمَع وشعبٌ ينادي ويهتف بالاخوة، مبدين اصرارهم على عدمية التراجع عن نهج الكونفدرالية الديمقراطية.