رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي، وفي كلمة له أمام برلمان بلاده قال بأن "تركيا سوف تتدحل في العراق حال الكشف عن نتائج الأستفتاء الذي من المزمع أن يٌجرى حول مستقبل مدينة كركوك، والإقرار بضم المدينة للمناطق التي يسيطر عليها الكرد" أي إلحاقها باقليم كردستان كما هو متوقع.
أردوغان كان قد أشارّ قبل بضعة أيام إلى "أن تداعيات الأوضاع في العراق وتطورها الدراماتيكي، بات يشكل الأولوية لدى الحكومة، لتحل محل المفاوضات مع الأتحاد الأوروبي". وأشارّ رئيس حزب العدالة والتنمية( ذو {الأجندة الإسلامية الإصلاحية}، كما راهنّ الكثير من السذج في الشرق والغرب) بأن "الأستفتاء حول كركوك الغنية بالنفط سوف يفضي لوقوعها في حضن الكرد في النهاية"، وان "مايمارسه الكرد الآن في المدينة، من تغيير ديمغرافي، وفرض لسياسة الأمر الواقع على التركمان بشكل خاص، يشبه لحد كبير ما مارسه الأرمن في إقليم ناكورني كارابخ، الذي إستولت عليه أرمينيا من أذربيجان عنوةً". وبغض النظر عن "الإقتباس" الخبيث للمثال الأرمني ذاك، والذي يثير حقداً بربرياً دفيناً لدى عموم الأتراك، فإن رئيس الوزراء التركي يعي جيداً بأن الأوضاع في جنوب كردستان( كردستان العراق) قد خرجت تماماً من تحت السيطرة، وإن "طبخة البارزاني والطالباني" في السيطرة على المخزون النفطي الهائل في المدينة قد نضجت تماماً، وأصبحت على المائدة الكردية الآن.
وأشارّ أردوغان بشكل مطول في حديثه ذلك، لما وصفه "بخطورة الصمت على جرأة الكرد للإستيلاء على الثروة النفطية في الشمال الذي يديرونه"، وبالتالي "قرار إخراجهم النفط وبيعه لشركات أجنبية خاصة"، وبعقود يمضونها في أربيل وليس بغداد"...!
الأنظار في أنقرة تتجه نحو العراق. وهناك في الصحافة التركية مئات من الكتبة ممن يسٌودون الصفحات لوصف "خطورة الأوضاع في الشمال العراقي" والإسهاب في الحديث عن "خطط الكرد للسيطرة على كركوك كمقدمة لإعلان الدولة الكردية المستقلة"، منهين "مقالاتهم" بتحريض الجيش التركي وإنتخائه للتدخل قبل فوات الأوان. وقبل يومين من الآن، نشرّ رئيس هيئة الإستخبارات التركية( الميت) إيمرا تانير تقريراً على الملئ، على غير العادة تماماً، يحذر فيه الحكومة من الإستمرار في "إتباع سياسة الحياد والبقاء متفرجة إزاء تطور الأوضاع في المنطقة والعراق". وتابع تانير في تقريره، والذي صدرّ بمناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس جهاز الإستخبارات التركية، بان "الأحداث تتسارع وان التطورات القادمة سوف تفضي لفقدان الكثير من الدول في المنطقة لدورها ومكانتها الإستراتيجية"، وان "تركيا، ولكي لاتصبح من ضمن تلك الدول، عليها أن تبادر للتدخل في صنع الأحداث حسب مصالحها، والتخلي عن اسلوب الإنتظار والإكتفاء بردة الفعل، كما تفعل الآن".