إقليم كوردستان العراق شوكة في حلق المتطرفين(1)

ليس خافياً على كل متتبع للشأن السياسي العراقي مدى معاناة الشعوب العراقية؛ بعربه وكورده وبقية أثنياته العرقية الأخرى وغيرها من المكونات الدينية – المذهبية والأيديولوجية السياسية والحزبية والتي تشكل النسيج العراقي المتنوع، وما لاقتها من ويلات ومجازر وتدمير ممنهج للبشر والحجر وذلك على يد الطاغية صدام حسين ونظامه البعثي – الدموي. فهو خلال حكمه الذي دام حوالي ثلاثة عقود، روع الشعب العراقي وأذاقه مختلف صنوف القهر والذل والهوان، مما جعل من الشخصية العراقية والإنسان العراقي خائفاً مقهوراً، كما هو حال أكثر مواطني شرقنا المبتلى بأنظمة شمولية – استبدادية، بل وصل الأمر بالقيادات العربية وليس الشعب أو المواطن العربي ناهيك عن العراقي، أن لا يتجرؤوا بأن يطلبوا من رأس النظام العراقي أن "يتنازل" عن الكرسي الجمهوري ويغادر العراق وكأنه ورثها من أجداد أجداده، وذلك بعد أن طفح الكيل وأتفق العرب والغرب على أنه يجب أن يتنحى الطاغية عن رقاب الشعب العراقي المغلوب على أمره.وليس خافياً على أحد أيضاً ما لاقاه الكورد وإقليم كوردستان من الويلات والدمار والمجازر وحرق وتدمير للقرى؛ إن كان في الأنفال وحلبجة أو قبلها وبعدها وعلى طول عمر الدولة العراقية الحديثة وحتى في زمن الاحتلال البريطاني ومن قبله العثماني، ومنطقة كوردستان لم تعرف الهدوء إلا لفترات وجيزة لتنفجر انتفاضة جديدة في وجه الطغاة والمحتلين. ولكن أشرس وأعنف مراحل الإبادة والتنكيل كانت بلا شك في زمن طاغية العراق ونظامه البعثي – العفلقي؛ حيث الأنفال والمقابر الجماعية وتدمير أربعة آلاف قرية في الإقليم وإبادة حوالي مئة وثمانون ألف من كورد العراق وحوالي ثمانية آلاف فقط من عشيرة البرزان لوحدهم و.. غيرها من الأرقام والإحصائيات التي تخزي جبين البشرية جمعاء وليس النظام العراقي أو العربي والإسلامي لوحده؛ لأن هذه الجرائم وقعت على مرأى من هذا العالم "المتحضر" ودون أن تحرك ساكناً، بل إن الكثير من السياسيين والفقهاء الإسلامويون أفتوا بأن ما يفعله صدام حسين بحق أبناء "الشمال" هو عين الصواب، ناهيك عن الذين ساهموا معه أو دعموه بالمال والرجال والأعتدة والتقنية الحديثة. وإننا ما نزال نسمع بعضاً من هذه الأصوات وإلى أيامنا هذه، وهم يتباكون على النظام العراقي السابق وطاغيته صدام حسين؛ الرئيس الضرورة وحامي البوابة الشرقية وبطل القادسية الجديدة ووكيل الرب والمتكلم والناطق بآياته وأحكامه على الأرض وحامي حمى العروبة وغيرها من الألقاب والتي تستحق به أن يدخل صدام حسين إلى سجل غينيس وذلك لكثرة ما يحمله من ألقاب ونياشين والتي لم تحميه أو تتشفع له أو تجبره ألا يفر من ساحة الوغى كما أجبرت الشاعر الفارس والمتنبأ على شاكلة هذا الأخير؛ ألا وهو المتنبي وذلك عندما ناداه غلامه وهو يهرب من أمام قطاع الطرق قائلاً له؛ ألست القائل: "الخيل والليل والبيداء تعرفني والرمح والسيف والقرطاس والقلم". فعاد المتنبي من فوره قائلاً لغلامه: قتلتني يا غلام. فقاتل حتى قتل.