التنقيب عن الإسرائيليين في كوردستان

مرة أخرى يطفو على سطح الإعلام العربي الاهتمام بالعلاقات الكوردية – الإسرائيلية بعدما خمدت جذوته لأشهر. ومرة أخرى مطلوب من الكورد في جنوبي كوردستان, ومسؤوليهم التصريح والتأكيد على أن لا وجود لإسرائيلي على أرضهم, ومطلوب من الكورد أكثر من هذا وذاك تشكيل فرق للتنقيب عن الإسرائيليين في كوردستان, وطردهم إذا ما ثبت وجودهم لأجل أن يهنىء القومجيون العرب ويخلدوا للراحة.كما هو معلوم بدأ افتعال الضجة في الإعلام العربي حين كتب الصحافي الأمريكي سيمور هيرش في النيويوركر حول العلاقات الإسرائيلية – الكوردية, والتواجد الإسرائيلي في جنوبي كوردستان ( كوردستان العراق ) الأمر الذي يثير حفيظة العروبجيين والأصوليين الدينويين العرب, لاعتبارهم أي تعاون إسرائيلي – كوردي هو ضرب من الخيانة العظمى من قبل الكورد, ورغم تطمينات القيادات الكوردية الذي فحواه أن ليس ثمة وجود استخباراتي إسرائيلي أو تمثيل إسرائيلي هناك إلا أن هنالك البعض من التيارات العربية لا يريد أن يطمئن ولا يريد أن يتخلى عن رصيده من عقدة المؤامرة المتغلغلة في وعيهم ولا وعيهم.الموضوع لا يستحق الالتفات من أصله, ولا الوقوف عنده, فلكل شعب ولممثليه مطلق الحرية في إقامة العلاقات مع الأطراف التي يرونها مناسبة ما دامت تلكم العلاقات لا تسيء إليهم لا بل على العكس تدخل في مصلحتهم, وفي الحالة الكوردية هل تسيء تلكم العلاقات إلى الكورد؟.ثم هل مطلوب من الكورد في جنوبي كوردستان أن يكونوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين. هل الكورد مثلاً مثقلون بتركة الحروب الإسرائيلية – العربية, وهل لهم ناقة أو جمل أو كنغر أو باص نقل داخلي في الصراع الإسرائيلي – العربي الذي كان قبل أن تبرم كل تلكم الاتفاقيات لاحقاً اعتباراً من اتفاقيات الهدنة في أواخر أربعينيات القرن العشرين عقب حرب 1948 والتي تشكل برأيي نوعاً من الاعتراف العربي بوجود إسرائيل وليس انتهاء بكامب ديفيد ومدريد واوسلو ووادي عربة وواي بلانتيشن وشرم الشيخ وأخريات.ليس أمام التيارات العروبجية والإسلامجية سوى التعقلن واحترام الذات, فليس معقولاً أبداً أن يتحدثوا اليوم ويبدوا حرصهم على الكورد, ويهتموا بالملف الكوردي في كوردستان الفيدرالي, وهم الذين لم يحركوا ساكناً في مواجهة آلة الموت الصدامية ومقابره الجماعية. هذه التيارات المفتقدة للأخلاق والقيم والمبادىء لا يحق لها اليوم أن تنبث ببنت شفة فعوراتها مكشوفة للقاصي والداني, وهي في كثير من الحالات تستر عوراتها بالعلم الأمريكي فإن لم يك فبالعلم الإسرائيلي.أنا أقدر الامتعاض البعض العربي من علاقات الآخر المختلف قومياً مع إسرائيل, فإسرائيل عدو هذا البعض المنطلق في موقفه من خلفيات إيديولوجية مفهومة, ولكن ماذا فعل هذا البعض العربي حيال ما فعلته دول المنطقة بالكورد ولا تزال, فهذا الإعلام العربي الذي يتسقط الأخبار الكردية والعلاقات الكردية اليوم ويحرض بتلفيقاته وأكاذيبه العربي على الكردي لم يحرك ساكناً حين جرى ما جرى قبل فترة من أحداث في شمالي كوردستان حين عمت الانتفاضة مدن الكورد وقبلها ما جرى من قتل في ماكو الكردية على يد فقهاء الظلام الفرس.